ذبح الأضاحي صباح يوم عيد الأضحى شعيرة إسلامية تضافرت الأدلة على شرعيتها والحث عليها.. ويقع الكثير منا كل عام في حيرة انتقاء أضحيته، ومعرفة آداب وسنن الذبح التي يجب عليه اتباعها.. بل وقد يجد البعض معاناة في أثناء مراحل الذبح والسلخ، ونزع الأحشاء الداخلية وطريقة تنظيفها بعد الذبح، وكذا معرفة الدلائل على سلامة صحة الحيوان من خلال النظر المباشر لأحشائه؛ هذا لنقي أنفسنا خطر الإصابة بالأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان أو الأمراض التي يكون الحيوان عائلها الوسيط.
لذا فإنه يجب بداية أن نراعي، ونحن نشتري الأضحية، بعض الصفات الواجب توافرها في الحيوان مثل:
أن يكون نشاطه وتكوينه الجسماني طبيعيين، وألا يكون هزيلاً، وأن تكون درجة حرارته طبيعية وأغشيته المخاطية وردية اللون، باعتبارها علامات الصحة الجيدة التي تلحظها العين بسهولة وذلك لنضمن لحماً مفيداً وعيداً سعيداً.
قبل الذبح
بشكل عام، لكي نتأكد من سلامة الحيوان، يجب شراؤه قبل الذبح بأسبوع على الأقل، مع وضعه في مكان معزول عن مكان معيشة الإنسان، وذلك حتى نستطيع أن نراقب صحته، خلال هذا الأسبوع، ونتأكد مما إذا كان يعاني من أي مرض أم لا، ونستطيع كذلك أن نتيح له الأدوية التي قد تعطى للحيوان قبل شرائه، مثل المضادات الحيوية ومضادات الديدان، وإعطاء فرصة كافية لكي يزول أثرها من جسمه ويتخلص منها؛ فلا تضر الإنسان عند تناول لحومها.
ويمكن أن تضطرنا الظروف لشراء الأضحية قبل الذبح بفترة وجيزة، وفي هذه الحالة، ينبغي أن يستريح الحيوان من إجهاد نقله لمدة تتراوح بين 12 إلى 72 ساعة قبل الذبح؛ لأن ذبح الحيوان المجهد يؤدي إلى نقص كمية الحمض في العضلات، وهو الوسط المسئول عن قتل البكتريا الضارة وتكسير الخيوط العضلية باللحم ليصبح سهل المضغ والبلع، علاوة على أن ذبح الحيوان المجهد يجعل لونه أحمر داكنا مما قد يشير إلى أن عملية النزف خلال الذبح لم تحدث بصورة كاملة.
وقبل الذبح مباشرة يجب أن يتناول الحيوان كميات وافرة من الماء لتقليل أعداد البكتريا الموجودة في الأمعاء ولتسهيل عملية السلخ ونزع اِلأحشاء الداخلية، ويتم هذا بالتزامن مع تصويم الحيوان عن الطعام لمدة 12 ساعة على الأقل قبل الذبح حتى يتحقق النزف بصورة أفضل ولتقليل هجرة البكتريا من القناة الهضمية إلى العضلات والتي تحدث خلال عملية الهضم.
يتم بعد ذلك ذبح الحيوان بالطريقة الشرعية ويترك لينزف دمه تماما بشكل كامل، وتستغرق العجول مدة 6 دقائق، والخراف حوالي 5 دقائق، وذلك قبل بدأ عملية السلخ التي يجب أن تتم بسرعة عقب إتمام عملية النزف لأن تأخرها يعجل بتعفن الذبيحة.
سلخ الأضحية
قبل السلخ، يجب ألا يُضخ الهواء تحت الجلد؛ لأنه يمكن أن يؤدي إلى دخول الميكروبات مع الهواء وانتقالها للذبيحة، وتبدأ عملية السلخ بإرقاد الحيوان على ظهره وقطع أرجله الأربع من عند الركبة، ثم قطع الجلد من عند الركبة حتى الذيل، وسلخ الرجل كاملة، ثم نقوم بعمل قطع طولي من الرقبة حتى البطن، ويبدأ السلخ من مكان القطع ويتحرك ناحية الجوانب، ويقوم حد السكين بالسلخ من الداخل لمنع تلوث الذبيحة بالشعر والقاذورات ويترك الجلد عالقا من الجوانب حول الظهر بما يعادل من 4 إلى 6 بوصات من منطقة الظهر، حتى لا تلتصق الذبيحة بالأرض، وبعد ذلك ترفع وتعلق من الأرجل الخلفية ويستكمل السلخ، ثم تغسل الذبيحة تماما، وبعد تمام الغسل ترقد على ظهرها مرة أخرى لنزع الأحشاء الداخلية.
نزع الأحشاء وفحص الذبيحة
عملية نزع الأحشاء الداخلية مهمة جدا؛ لأن أي خطأ فيها قد يؤدي إلى انتشار الميكروبات داخل العضلات؛ لذا تنزع الأحشاء بحذر عن طريق عمل قطع في منتصف البطن مع تجنب خرق المعدة والأمعاء والمثانة لأنه إذا خرقها سكين التنظيف ستكون مصادر عالية للتلوث.
بعد تمام نزع الأحشاء، يتم فحص الذبيحة في إضاءة جيدة، فإذا كان دم الذبيحة باهت اللون فهو دليل على إصابتها بالأنيميا، وهذا غير ضار عند تناول لحمها، ولا يؤثر على جودته، أما إذا كان لون الدم داكنا أكثر من الطبيعي فهذا دليل على أن الحيوان كان محموما، والحيوان المحموم لا يؤكل، وهذا أمر يمكن تفاديه عند الشراء.
في حالة الأغنام والماعز قد نلاحظ وجود رائحة بول في اللحم وهي تختفي تدريجيًّا بالتبريد وتعود بالتسخين عند غلي اللحم أو شوائه، ويمكن تجنب ذلك بخصي الذكور من 10 إلى 12 أسبوعا قبل الذبح، وذلك لأن الهرمون الذكري "التستوستيرون" هو الذي يسبب هذه الرائحة ويزيد من نشاط الحيوان فيقلل من القدرة على تسمينه قبل ذبحه.
أما في حالة الأبقار فقد يؤدي أكل الحيوان لنباتات معينة كالكرنب مثلا إلى راحة كريهة تزول بتجميد اللحم لمدة 24 ساعة قبل طهوه أو شوائه، وهنا تبدو أهمية شراء حيوان الأضحية قبل الذبح بأسبوع كامل على الأقل لنتأكد من تخلص جسمه من تأثير الأدوية والعقاقير التي قد تعطي لحمه رائحة وطعما غير مقبولين.
علامات.. مقبولة وغير مقبولة
يكثر في حيوانات المراعي أن يكون لون لحمها مائلا للصفرة نتيجة ارتفاع نسبة صبغ الكاروتين وهي المادة الأولية لفيتامين (أ)، وهذه صفرة غير ضارة، خلافا للحوم الحيوانات المريضة بالصفراء، ويمكن التفرقة بينهما ببساطة من الرائحة المصاحبة، حيث لا توجد رائحة لصبغة الكاروتين، بينما تكون رائحة تشبه رائحة البراز وتكون واضحة جدا في حالة الحيوان المريض بالصفراء، بالإضافة إلى أن صبغة الكاروتين توجد في الأنسجة الدهنية فقط، أما الصفراء فتوجد في الأنسجة الدهنية والأنسجة الليفية البيضاء.
في ذبيحة الأبقار، ينبغي أن ننتبه لوجود حويصلة دائرية أو بيضاوية، بيضاء اللون، ويكون حجمها حوالي 5, في 1 سم، ويمكن أن توجد في عضلات الوجه واللسان والقلب والكتف والحجاب الحاجز والمريء والكبد والرئة والغدد الليمفاوية والدهون؛ لأن هذه يرقات الدودة الشريطية التي تكون الأبقار عائلها الوسيط وتنقلها للإنسان، وعند وجود أكثر من حويصلة في منطقة بمساحة قبضة اليد في مناطق مختلفة من الذبيحة، فهي غير صالحة بتاتا للاستهلاك الآدمي، وإذا وجدت في مناطق محدودة فيعدم العضو المصاب، وقد توجد عقد درنية وهي معدية تصيب الإنسان بالاستنشاق أو البلع، لذا يجب أن نعدم العضو الذي يحتوي عليها.
وإذا وجدت دودة الفاشيولا البنية التي تشبه ورقة الشجر، في القنوات المرارية بالكبد، فإنه أيضا يعدم ولا يؤكل، وكذلك الحال إذا وجدت ديدان الإسكارس في الأمعاء، فإنها لا تصلح للأكل أبدا على الرغم من أنها قد تبدو سليمة بلا مرض.
وفي الأغنام، لا يؤثر وجود يرقات ذبابة (أستراس أوفيز) في رأسها على جودة لحومها، حيث إنها تضع بيضها في أنوف الأغنام ويفقس البيض ليعطي يرقات دودية تعيش في التجويف الأنفي أو بالقرب من المخ وتتطور إلى ذبابة كاملة وتطير مغادرة الحيوان.
وفي كل الذبائح ينبغي مراعاة أن يكون لون الرئة ورديا وإذا تغير كأن يكون أحمر داكنا أو فقدت ملمسها الإسفنجي وصارت متحجرة، ففي هذه الحالات لا تصلح للاستهلاك أبدا لأنه يدلل على إصابة الحيوان بالدرن أو التهاب مزمن بالرئة.
وعموما يفضل أن يتم الذبح في مجزر لضمان النظافة والتخصص وعدم انتشار الأمراض، ويراعى مع الذبح في المنازل ضرورة تنظيف المكان والأواني والأدوات المستخدمة والأجزاء السفلية من الحوائط باستخدام ماء عالي الضغط مع مادة منظفة كالكلور أو الصودا الكاوية.