حقيقة القلب في القرآن
القرآن ا لمجيد العظيم ، كتاب الله الخالد ، لا يأتيه الباطل من يديه ولا من خلفه محفوظ برعاية الله سبحانه وتعالى منذ أن نزل على سيد الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام وإلى يوم القيامة
[ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا لحافظون]
يتحدث عن أهم وأخطر عضو في الإنسان بمفهوميه المادية والمعنوية ‘الاّ وهو
القــــــــلب :
إذا مرض القلب وانحرف و أصبح عضواً مريضاً يستحق أللعنة
[ في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا]ً
أيضاً إذا انحرف ولم يستفيد من حواسه الباطنية للخير والاستقامة
يأتي البيان الإلهي
[ لهم قلوب لا يفقهون بها]
وإذا تأخر في التلبية وأهمل التوجيه الرباني واستمر على القعود والنفاق
[ رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون]
ولا شك أن القلب محل البواعث السيئة والحسنة
[ ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم]
ويأتي الابتلاء وعمليه الانتقاء والتمحيص وفق توجهات القلب
[ وليبتلي الله ما في صدوركم وليُمحص ما في قلوبكم]
وإذا بقوا على عنادهم وضلالتهم ولم يتفكروا في أنفسهم ولم يستفيدوا إيجاباً بقلوبهم
[ صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون] لذا لا يبارك الله فيهم ب [ إنا جعلنا على قلوبهم أكنةً أن يفقهوه]
والقلب عند الله سبحانه وتعالى العضو الأساسي للمعرفة [ أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها.....]
النجاة في يوم القيامة يأتي وفق عمل القلب ، إذا كان صالحاً سليماً
[ إلاّ من أتى الله بقلب سليم ]
9) وهو أساس للثواب والعقاب وبداية الخير والشر
[ وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم]
ولا شك هو المصدر للخوف والرعب إذا انحرف وتخلى عن الإيمان [ وقذف في قلوبهم الرعب] ]
وإن لم يعتبر بالقرآن ولم يتحلى به صار مقفولا لا يفهم الحقيقة
[ أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ] ويستحق الران [ كلا بل ران على قلوبهم ]
[ وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون]
ولكن المؤمن الملتزم تابع للقرآن ، وهو يجعل القرآن منهجاً والإسلام دستوراً ويقتدى بسيد الأنبياء والمرسلين يبارك الله له فيه وفي رزقه ويجازيه الاطمئنان و السكينة
[ فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم]
حقيقة القلب أنه كالجسد في التأثير سلباً وإيجاب فهو يصح ويمرض ويوجع ويشبع ويسعد ويشقى ، ويكسى ويعرى وكل ذلك بحسب نوع المؤثرات التي تحيط به ..
فالقلب يمرض ومرضه الكفر والريبة والشك والحقد والحسد والغيبة والكذب والعجب والكبر وغيرها مما يرتبط بهذه المعاني ويشترك معها في منطلق الشــر ..
ودواء هذه الأمراض يحصل بالتوبة منها وترويض القلب واشغاله عما يفعله ، قال إبراهيم الأحوس دواء القلب خمسة أشياء :
قراءة القرآن بتدبر .
خلاء البطن .
قيام الليل.
التضرع عند السحر.
مجالسة الصالحين
. لا يعرف الكثير من الناس حقيقة القلب لأن القلب في حقيقته قلبان قلب مادي وقلب معنوي فالقلب المادي هو تلك القطعة اللحمية التي على الجانب الأيسر من الصدر والمسئولة عن ضخ الدم في الجسم
ــ وهي نعني القطعة ــ موجودة في الحيوانات والموتى وهو قطعة ظاهرة أي من عالم الخلق والشهادة أما القلب المعنوي فذلك القلب الذي هو محل نظر الرب لقوله » صلى الله عليه وسلم« لا ينظر الله الى صوركم وأجسادكم ولكنه ينظر إلى قلوبكم أي إلى القلب المعنوي الذي هو من عالم الغيب والأمر والذي يعرف بعين الباطن لا بعين الظاهر لأنه غير محسوس وليس للتقدير والكيفية طريق إليه .
سمي القلب قلباً لتقلبه , وقيل سمي القلب قلباً لأنه يتقلب بتقليب الله عز وجل إياه بمشيئته وقيل هو الباطن , وقيل انه منزل الأنوار القدسية التي يتجلى بها رب العزة والجلال ,وأن سعادته تكمن في معرفة ربه والتي تحصل له من صنع الله لأنه من جملة عالمه عالم الغيب والخشوع وعليه يكون القلب اسم جامع يقتضي مقامات الباطن كلها فهو معدن نور الإيمان والخشوع والتقوى والمحبة والرضا واليقين والخوف والرجاء والصبر والقناعة ومكان النية التي أصلها الإيمان والاعتقاد .
** القلب وعلاقته بالأمور الظاهرة:
يتأثر القلب بالأمور الظاهرة من عالم الظاهر والمحسوس عن طريق الحواس عبر بوابته المفتوحة على عالم الملك والشهادة كما يتأثر بالأمور الباطنية التي تدخل إليه إذا صفي وتطهر من علائق الدنيا وشهوات النفس عبر بوابته المفتوحة على عالم الغيب والشهادة وعليه فإن كل صفة تظهر بالقلب يبقى أثرها على الجوارح حتى لا تتحرك إلا على وفقها وأن كل فعل يجري على الجوارح فإنه يرتفع منه اثر الى القلب يصبح له دور بالأمر فيه , مثاله أن من يتكلف الخط الحسن حتى يصير خطه حسناً فيرتفع اثر ذلك الى القلب الى أن يصبح طبعاً ثم ينخفض الى الجارحة لتكتب بالخط الحسن بالطبع .
** القلب والإيمان والعصيان
القلب موطن ومعدن الإيمان الذي يعرف شرعاً بأنه تصديق بالقلب لقوله تعالى :» ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم« ولقوله تعالى أيضاً : »وقلبه مطمئن بالإيمان« لذلك إذا استنار القلب بنور الله ونور الإيمان تولى الله حفظه وملأه محبة وخشية وإذا ابتعد عن الإيمان وخالف التعاليم الربانية امتلأ بالكفر والظلمات والشك والنفاق فقسا فاقترف الذنوب بمعنى أن أصل جميع الذنوب قسوة القلب لأن القلب إذا قسا لا يبالي بما أساء , وعليه يكون القلب محل الحساب للثواب والعقاب .
** بصيرة القلب
تعرف بصيرة القلب بأنها إبصار القلب وإدراكه كما أن البصر هو إدراك رؤية العين , ويتم إدراك البصيرة بالقوة المنورة بنور القدس التي ترى بها حقائق الأشياء وبواطنها
** تنوير القلب بالعلم:
ينير العلم القلب لأنه مستعد بطبيعته لقبول حقائق المعلومات التي تحل به عن طريق العلوم الدينية أو العقلية ولكن يبدأ بالعلوم الدينية التي تؤدي إلى كمال صفة القلب وسلامته التي على أساسه يتم تعلم العلوم العقلية بالتعلم بالقلم والتجربة والمحاكاة والاستدلال التي تؤدي إلى التقرب من الله تعالى باستعمال العقل في تحصيل العلوم والتي تنور القلب والبصيرة من الجهل وهو العلم العقلي المطلوب وتنقسم العلوم العقلية إلى قسمين علوم عقلية مكتسبة دنيوية مثل الحساب والهندسة والفلك والطب والكيمياء والفيزياء والزراعة والصناعة والتجارة .. والعلوم المكتسبة الأخروية المختصة بمعرفة القلب وأحواله وآفات الأعمال والعلم بالله وصفاته .....
إن التوفيق في التوازن بين العلمين ليس سهلاً فإذا رفض الأخذ بالأمور العقلية يكون الجهل وإذا اعتمد على الأمور العقلية فقط يكون الغرور فالمؤمن الفطن هو الذي يوازن بينهما كي لا يقع بالخطأ ولينال ثواب الدنيا والآخرة
تحيات سلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيم